التوقف عن رفع الأثقال : أضرار عدم التدريب لمدة طويلة

عادتا أنت شخص نشط يذهب إلى صالة الألعاب الرياضية بشكل منتظم، ولكن في بعض الأحيان تقرر التوقف عن التدريب وتأخذ يوم راحة. ربما يتحول ذلك اليوم إلى بضعة أيام راحة…. ودون أن تشعر، ها قد مرت ثلاثة أسابيع دون يوم واحد من التمارين. مثل كثير ممن يأخذون استراحة للتمرين، تتساءل: “هل فقدت عضلاتي؟” أو “كم من الوقت قبل أن ابدأ في فقدانها؟”
هناك الكثير من الأسباب التي تجعلك تتوقف عن الذهاب إلى الصالة الرياضية لبعض الوقت – الإجازة، الطقس السيئ، متطلبات العمل، الالتزامات العائلية، وما إلى ذلك، حتى أكبر عشاق رفع الأثقال قد يضطرون إلى التوقف لفترة من الوقت بسبب آلام العضلات أو المرض أو الإصابة.
لا يجب أن تدفع نفسك لممارسة الرياضة كل يوم دون استراحة لأن جسمك يحتاج للراحة ومن الضروري توفير أيام للتعافي ولإصلاح ألياف العضلات وتقويتها. تعد أيام الراحة بعد التدريب عنصرًا مُهِمًّا في برنامج التمرين، وبالنسبة لمعظم الأشخاص، يتكون هذا من يوم إلى ثلاثة أيام من الراحة اعتمادًا على كثافة النشاط.
مع ذلك، إذا تجاوزت أسبوعًا دون نشاط، فستبدأ في تجربة آثار “عدم التدريب” (وتسمى أيضًا زوال التَّكَيُّف)، وهي ظاهرة تفقد فيها الآثار المفيدة للتدريب. على عكس الراحة والتعافي، فإن التوقف هو فترة راحة ممتدة تؤدي إلى انخفاض اللياقة البدنية.
الخبر السار هو أن إلغاء زَوالُ التَّكَيُّف يمكن عكسه بمجرد أن تصبح نشطًا مرة أخرى. سنناقش في هذه المقالة ما الذي يمكن أن يحدث إذا توقفت عن رفع الأثقال، وكيف يؤثر ذلك على جسمك، والطرق التي يمكنك من خلالها تقليل الخسائر خلال فترة الانقطاع، وكيف يمكنك استعادة مستواك السابق.
العوامل التي تؤثر على انخفاض اللياقة البدنية
يعتمد مدى انخفاض اللياقة البدنية الذي تواجهه على عدة عوامل، بما في ذلك طول فترة التوقف عن رفع الأثقال وعمرك ومستوى لياقتك البدنية.
الوقت الذي تمضيه بعيداً عن صالة الألعاب الرياضية
بشكل عام، يمكن أن يؤدي التوقف عن رفع الأثقال لمدة أسبوعين فقط إلى انخفاض كبير في اللياقة البدنية. خلصت دراسة من مجلة علم وظائف الأعضاء التطبيقي إلى أن استراحة لمدة أربعة عشر يومًا فقط تقلل بشكل كبير من قدرة القلب والأوعية الدموية على التحمل، وكتلة العضلات، وحساسية الأنسولين.
ماذا سيحدث إذا أخذت استراحة طويلة من التدريب – لنقل شهرين؟ وجدت إحدى الدراسات أن شهرين من عدم التمرين لدى مجموعة من الرياضيين أدى إلى تغييرات غير مواتية في تكوين الجسم ، وضعف وظيفة التمثيل الغذائي، وتطور عوامل الخطر القلبية الوعائية. على الرغم من أن الوقت الذي يستغرقه فقدان مستويات اللياقة البدنية يعتمد على مدى لياقتك في البداية والمدة التي تمارسها، فإن حتى رواد الصالة الرياضية الأكثر صرامة سيتعرضون لفقدان لياقتهم بعد فترة توقف طويلة.
السن
مع تقدم الناس في العمر، تنخفض بشكل طبيعي القدرات البدنية وقوة العضلات وكذلك خفة الحركة. من المهم ممارسة الرياضة والبقاء نشيطًا مع تقدمك في السن للحفاظ على اللياقة الوظيفية. نظرت إحدى الدراسات في آثار عدم التدريب على كبار السن، على المدى القصير والطويل، ووجدت أن الخسائر في نسبة اللياقة البدنية تتفاقم مع تقدمك في العمر. من المهم تتبع كيف يتغير جسمك مع تقدمك في العمر لأن فقدان كتلة العضلات وقوتها يمكن أن ينخفض بسرعة، وسرعان ما تصبح أنشطة الحياة اليومية فجأة أكثر صعوبة.
مستوى اللياقة البدنية
كلما كنت أكثر لياقة، سيستغرق جسمك وقتًا أطول ليفقد من لياقته. على سبيل المثال، بالنسبة لشخص يمارس التمارين الرياضية عدة مرات في الأسبوع، فقد يستغرق الأمر من أسبوعين إلى أربعة أسابيع حتى تظهر آثار التوقف عن رفع الأثقال وتأثر على لياقته البدنية. الشخص الذي يتدرب بشكل أكثر كثافة سيستغرق وقتًا أطول لتتأثر لياقته البدنية من أثار التوقف عن رفع الأثقال.
التأثيرات الفسيولوجية على جسمك
عندما تتوقف عن ممارسة الرياضة ورفع الأثقال، تحدث العديد من التغييرات الفسيولوجية. تبدأ في فقدان قدرات تحمل القلب والأوعية الدموية، مثل قدرة قلبك على ضخ الدم بشكل أكثر كفاءة، وتحسين قدرة جسمك على حرق الكربوهيدرات واستخدامها كوقود، وقدرة عضلاتك على تعزيز معالجة الأكسجين. قد ينخفض أي تحسن رأيته في ضغط الدم ومستويات الكوليسترول وسكر الدم. قد تواجه زيادة في الوزن. إذا كنت تمارس رياضة رفع الأثقال والحمل بالقوة، فإن الكتلة العضلية والقوة وقدرة التحمل التي عملت جاهداً على تحصيلها سوف تتضاءل.
القدرة الهوائية Aerobic Capacity
من المعروف أن التمارين الرياضية مفيدة لقلبك – فهي تزيد من كفاءة ضخ الدم، ونتيجة لذلك، فإن الأكسجين يصل إلى باقي أجزاء الجسم بكفاءة. عندما تمر بضعة أسابيع دون نشاط بدني، فإن قلبك لا يبدأ فقط في فقدان قدرته على التعامل مع تدفق الدم الإضافي، بل تنخفض قدرة جسمك على استخدام الأكسجين بشكل فعال، والمشار إليه باسم VO2 max.
أظهرت الأبحاث انخفاضًا كبيرًا في VO2 max في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع من التوقف، السبب راجع إلى انخفاض تدفق حجم الدم والناتج القلبي. وجدت دراسة أخرى أن معظم القدرة الهوائية المكتسبة من خلال التمرين على مدى شهرين إلى ثلاثة أشهر تضيع في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع.
ماذا يعني هذا بالنسبة لك؟ بعد بضعة أسابيع من الجلوس وعدم فعل أي نشاط رياضي، ستبدأ في فقدان قدرات القلب والأوعية الدموية وستجد بأن انفاسك تنقطع بعد صعود السلالم فقط.
القوة العضلية
عندما تتوقف عن ممارسة الرياضة، ستلاحظ بلا شك تغيرات على مستوى عضلاتك. سوف تصبح أصغر وأضعف. إذا كنت تمارس تمارين رياضية عالية الشدة أو تمارين رفع الأثقال، فستجد انخفاضًا في القدرة على التحمل العضلي.
تؤدي فترة عدم التمرين لمدة 12 أسبوعًا إلى انخفاض كتلة العضلات وقوة العضلات، على الرغم من أن العضلات يمكن أن تعود إلى مستويات ما قبل التدريب. الخبر السار هو أن الكتلة العضلية التي فقدتها يمكن اعادة كسبها بسرعة أكبر، الشكر يعود لمفهوم يعرف باسم “ذاكرة العضلات”.
اقرأ أيضاً : الذاكرة العضلية في رياضة كمال الأجسام : ماهي وكيف تعمل ؟
يمكنك الحفاظ على أداء القوة لمدة تصل إلى أربعة أسابيع من التراجع، لكن قد تنخفض القوة والقدرة على التحمل بشكل كبير في هذه الفترة الزمنية كما هو مذكور في هذه الدراسة. في دراسة أخرى، تدربت مجموعة من النساء بعد انقطاع عن التدريب لمدة اثني عشر أسبوعًا ووجدن تأثيرًا سلبيًا كبيرًا على قوتهن العضلية خلال فترة توقف لمدة أربعة أسابيع.
النتيجة النهائية؟ يمكنك الإحتفاظ بقوة عضلاتك لفترة أطول من قدرتها على التحمل، ومع ذلك، بعد شهر من الجلوس دون تدريب ستلاحظ انك ستتعب بشكل أسرع عند القيام بمهام كانت عادتاً سهلة بالنسبة لك، مثل حمل البقالة اعلى السلالم.
ضغط الدم
يُعد انخفاض ضغط الدم من أفضل الفوائد المعروفة لممارسة التمارين الرياضية بانتظام. في الواقع، تعتبر التمارين الرياضية حلا ممتاز لعلاج ارتفاع ضغط الدم. أظهرت دراسة حول تأثير التوقف عن التدريب بشكل مفاجئ لدى مجموعة من الرجال يعانون من ارتفاع وانخفاض في ضغط الدم بعد فترة ستة أشهر من التدريب، حيث اظهرت الدراسة ارتفاعًا في ضغط الدم بعد أسبوعين فقط من عدم التدريب.
بالطبع، لا يعني التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية أنك ستصاب بارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، إذا كنت تعاني بالفعل من ارتفاع ضغط الدم، فمن المهم أن تدرك أنك قد تحتاج إلى استشارة طبيبك إذا كنت تستخدم التمارين لخفض ضغط الدم لديك وتريد التوقف عن ممارسة الرياضة لبعض الوقت.
سكر الدم
عادة، يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم بعد تناول الطعام، ثم ينخفض حيث تمتص العضلات والأنسجة الأخرى السكر اللازم للحصول على الطاقة. تعتبر ممارسة الرياضة طريقة فعالة لخفض مستويات السكر في الدم، ولكن إذا توقفت عن ممارسة الرياضة، فقد تظل مستويات السكر في الدم مرتفعة بعد تناول الوجبة.
وجدت دراسة نُشرت في مجلة Medicine & Science in Sports & Exercise أن مستويات السكر في الدم ظلت مرتفعة بعد 3 أيام فقط من عدم النشاط لدى الشباب والأفراد الأصحاء بشكل عام. والنتيجة المؤسفة لقلة الحركة هي أن مستويات الجلوكوز المرتفعة باستمرار تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
حتى القدر القليل من التمارين المعتدلة يحسن كيفية تنظيم جسمك للجلوكوز، والعودة إلى روتينك سيساعدك على تجنب الحالات الصحية السيئة.
كتلة الدهون
إحدى المخاوف التي قد تشعرك بالسوء هو أن ملابسك ستبدأ في التضييق قليلًا حيث يزحف وزنك ويتحول جسمك من كونه متينًا وثابتًا إلى ممتلئ الجسم ومترهل. وجد أن التوقف عن التدريب له آثار سلبية على تكوين الجسم، مع زيادة الوزن المرتبطة به وانخفاض معدل الأيض.
قد تساهم بعض العوامل في زيادة دهون الجسم عند التوقف عن ممارسة التمارين:
- أولاً، ستنخفض متطلباتك من السعرات الحرارية. عندما تفقد كتلة العضلات، يتباطأ التمثيل الغذائي لديك حيث تفقد عضلاتك بعضًا من قدرتها على حرق الدهون.
- ثانيًا، أنت لا تحرق نفس الكمية من السعرات الحرارية التي اعتدت عليها لأنك تتنقل وتعمل بشكل أقل، لذلك إذا لم تقم بتعديل كمية الطعام التي تتناولها وفقًا لذلك، فسيتم تخزين هذه السعرات الحرارية الإضافية على شكل دهون. يجب أن تكون حذرا من الدهون الحشوية المعروفة أيضا باسم دهون البطن.
لذلك، إذا كنت تأكل بنفس الطريقة التي كنت تأكل بها أثناء فترة التدريب، فلن يحرق جسمك السعرات الحرارية الزائدة دون تعديل نظامك الغذائي – ومن المحتمل أن يزيد وزنك.
كيفية إدارة فترة عدم التمرين
أفضل طريقة للحفاظ على اللياقة البدنية هو عدم التوقف عن التدريب في المقام الأول. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك أبدًا تخطي التدريبات. اعطي لجسمك الراحة اللازمة وللاستشفاء. إذا كنت تتدرب بقوة، فإن أخذ قسط من الراحة سيساعد في تحسين نمو عضلاتك ولياقتك الهوائية ويساعدك على تجنب متلازمة الإفراط في التدريب.
ولكن إذا كنت مصابًا أو مريضًا جدًا، فعليك التوقف التام عن التدريب. يمكن أن تعيق الحياة روتين تدريباتك المعتاد، لكن هذا لا يعني أنها نهاية العالم. خذ وقتًا للراحة والتعافي، وارجع إليها عندما تشعر بتحسن.
فيما يلي بعض النصائح للمساعدة في تقليل أضرار التوقف عن التدريب إذا لم تكن مجبرًا على التوقف تمامًا عن ممارسة الرياضة لفترة طويلة:
- قم بممارسة النشاط “الخفيف” أو ممارسة التمارين الرياضية بشكل كبير، والذي لا يمثل جزءًا من نظامك المعتاد، مثل الجري أو المشي أو ركوب الدراجة.
- جرب تمرين الكرسي أو أضف السلالم إلى روتينك اليومي.
- قلل من جدول التمرين إذا كان الوقت هو المشكلة. جرب حصتين فقط أسبوعيًا، وقسِّم تمرينك إلى عدة حصص أقصر، أو ضمِّن بضع جلسات من التدريب المتقطع عالي الكثافة.
- حاول تدريب مجموعات العضلات غير المصابة إذا توقفت عن ممارسة الرياضة بسبب إصابة مثل كسر في العظام أو تمزق في الوتر.
- حافظ على التغذية الجيدة مع تناول البروتين الكافي لتقليل فقدان العضلات.
اقرأ أيضاً : كيفية إتباع نظام غذاء صحي بميزانية محدودة
استعادة اللياقة البدنية بعد فترة توقف عن التدريب
في حين أنه من الصعب التنبؤ بالضبط بالوقت الذي ستستغرقه لاستعادة المستوى السابق من لياقتك، فمن المحتمل ألا يستغرق الأمر وقتًا طويلاً، تذكر فقط الطريق الذي سلكته أول مرة وسترجع دون أدنى شك إلى مستواك السابق. وإن بدأت في تبني أسلوب أو روتين حياة خامل فعليك العمل أيضاً على تغييره لتتمكن من النجاح.
الشيء الوحيد الذي سيعمل لصالحك هو: ذاكرة العضلات. بشكل أساسي، تحتوي عضلاتك على خلايا خاصة في ألياف عضلاتك “تتذكر” حركات التدريب السابقة بحيث يمكنك استعادة العضلات المفقودة بشكل أسرع عندما تعود إلى التمرين بعد فترة توقف طويلة.
فيما يلي بعض النصائح لمساعدتك على استعادة لياقتك بعد التوقف:
- خفف من وتيرة التدريبات الخاصة بك عند العودة لتجنب الإصابة
- انتظر شهرًا قبل أن تبدأ في التدريب بشكل مكثف كما أعتدة في تمريناتك المعتادة
- انضم إلى صفوف اللياقة البدنية الجماعية أو شارك في مجموعة تمارين رياضية واعية
- الصبر والمثابرة هو المفتاح. تذكر، لم تفقد كل شيء – يمكنك استعادة لياقتك. يعتبر التوقف عن التدريب مجرد جزء صغير من رحلة لياقتك بالكامل.